من هو آرثر فريدنريتش؟ افضل هداف في التاريخ ومحترع المراوغة؟

مهد الأساطير

أعتدنا على مر التاريخ أن بلاد السيليساو عادة ما تكون مهدًا للاعبين الكبار ورحم الأساطير، ولكن في ظل الجيل الحالي إن ذكرت أن أفضل لاعب على مر التاريخ برازيلي، فورًا سيرتبط عقلك بالأسطورة بيليه كأفضل لاعب مقارنة بأي لاعب على مر التاريخ، لكن المضمون الحالي يعرض انجازات لاعب تفوق على الواقع البرازيلي اجتماعيًا وكرويًا ولم يكن بالأمر الهين أن يصبح لاعب كرة قدم من الأساس في بلاد السامبا ولكنه أصبح واحدًا من أفضل ممن صنعوا مجد البرازيل وواحدًا من أعظم لاعبي كرة القدم إن لم يكن الأعظم على الإطلاق في البرازيل خاصة والعالم عامة.

النشأة في مناخ العنصرية

إنه آرثر فريدنريتش،، ولد عام 1892 في مدينة ساوباولو البرازيلية وكان فريدنريتش من ذوي أصحاب البشرة السمراء في الوقت الذي منُع فيه العرق الزنجي من ممارسة كرة القدم أو تمثيل البرازيل في المنتخب القومي أوائل القرن العشرين، في طفولة فريدنريتش أعتاد على مراوغة كرة القدم بين السيارات والتمرن على الكرات المقوسة لاجتياز الكرة العديد من السيارات لتنجح فكرته ويصنع واحدة من أقوى ألعاب كرة القدم (الركلات الحرة المقوسة).

الثورة السمراء

راود فريدنريتش شعور مزاولة اللعبة في أحد الأندية البرازيلية وتطبيق فنياته العالية على أرض الميدان مع لاعبين حقيقين بدلًا من السيارات، فاستطاع فريدنريتش الانضمام إلى نادي فاسكو دي جاما البرازيلي وإقناع مجلس إدارته بضم لاعبين سود داخل الفريق وكان له ما أراد إذ ضم الفريق البرازيلي عناصر سمراء داخل الفريق كأول نادي برازيلي يحطم العرف الاجتماعي ويضم لاعبين من أصول زنجية حتى وصل الأمر إلى إنسحاب أغلب الفرق البرازيلية من مواجهة فاسكو دي جاما ليأتي عام 1923 ويتوج فاسكو دي جاما بطلًا لبطولة الريو بفضل لاعبيه السمر والأسطورة فريدنريتش في إقناع إدارة الفريق بالتخلي عن المبادئ ذات الأغلف العنصرية.

القدم المجيدة

استطاع فريدنريتش التألق وإعلاء اسمه في أرجاء البرازيل إذ حقق الأخير لقب هداف الدوري البرازيلي تسع مرات (1912، 1914، 1917، 1918، 1919، 1921، 1927، 1928 و 1929)، كما انضم فريدنريتش إلى المنتخب القومي عام 1914 بعدما قيل عن هذه الفترة أن المنتخب البرازيلي كان في المنحدر بعدما اقتصرت اللعبة على البيض فقط وانحدرت معها النتائج الإقليمية للفريق فلم يكن لسماح السود بالانضمام إلى المنتخب القومي سوى شيئًا إضطراريًا، واستطاع فريدنريتش تحقيق بطولة كوبا أميركا عام 1919 بعد الفوز على الأوروجواي بهدف نظيف سجله فريدنريتش، وما لبث رفع الكأس إلا وانطلقت الجماهير في ريو دي جانيرو مرفرفين أعلام ولافتات (قدم فريدنريتش المجيدة) وفي اليوم التالي عٌرض حذائه في محل مجوهرات بوسط ريو دي جانيرو، ليعود مرة أخرى ويتوج مع منتخب راقصي السامبا بنفس البطولة عام 1922 ويحفر أسمه ضمن أساطير السامبا التاريخية.

لوحة كروية نادرة

شارك فريدنريتش في الجولة الأوروبية لفريق بوليستانو (تشكيل من لاعبي الدوري البرازيلي آنذاك وجمع حينها معظم لاعبي فريق ساو باولو) عام 1925 ولعب 10 مباريات محرزًا 11 هدفًا من 30 هدفًا سجلها بوليستانو خلال المباريات العشر، تفوق بوليستانو في تسع مباريات وخسر واحدة ليطلق على فريدنريتش حينها في البرازيل لقب الملك صاحب القدم المجيدة وإله الملعب

واستكمالًا لعروض فريدنريتش الرائعة، استطاع الانضمام إلى المنتخب البرازيلي في تشكيل كأس العالم عام 1934 ولكن جميع المنتخبات اللاتينية قد ودعت البطولة من الدور الأول ليتوج المنتخب الإيطالي فيما بعد باللقب الغالي على أرضها لأول مرة في تاريخه.

اعتزل فريدنريتش عام 1934 لينهي فريدنريتش مسيرته في فريق فلامنجو البرازيلي عن عمر يناهر 42 بعدما سجل 1329 هدفًا كأكثر لاعب تهديفًا عبر التاريخ ويأتي بيليه خلفه برصيد 1279 هدفًا طوال مسيرته، وتوفي عام 1969 ومعه اندثرت مسيرة حافلة قضت على العنصرية ورافقت الأمجاد وأسست طريق من نور أضاء لمن تلاه من أساطير طرق القمة واعتلاء عرش العالم لخمس مرات.

وسام كروي مشرف

ما يمكن تقديمه من كلمات لا يمكن أن يوصف ما قدمه فريدنريتش للكرة البرازيلية بشكل عام، فهذا الرجل لم يأخذ من الشهرة قدر كافً ولم يخلد ضمن الاساطير المذكورة في تاريخنا المعاصر على الرغم من أن فريدنريتش هو من رصف الطريق لأساطير كرة القدم البرازيلية ذوي البشرة السمراء أمثال روماريو، ليونيداس، ديدي وبيليه فكل هؤلاء الكبار ولدوا في مناخ الفقر ولكن فريدنريتش هو من حطم بما تسمى الديمقراطية العنصرية في البرازيل وهي اقتصار اللعبة على البيض دون الزنوج وكان التاريخ شاهدًا على ذلك إذ تمحورت أساطير البرازيل في 95% من اللاعبين السمر و5% فقط على البيض كما أن فريدنريتش ظل يحلم حتى موته أن تصبح الغالبية في منتخب البرازيل للاعبين السود وأكد رأيه اللاعب البرازيلي الكبير سقراط حين قال أن أحد عناصر تدهور أحوال الكرة البرازيلية عام 2000 هو طفو الغالبية البيضاء وقلة الكوادر السمراء في المنتخب القومي لتصبح المسألة في المنتخب البرازيلي تتوقف على أحد الأعراق دون النظر إلى الجوهر بحد ذاته لكن يحسب لـ فريدنريتش أنه قام بتحطيم العنصرية وإستعادة اللعبة إلى الزنوج الفقراء بعدما سيطرت عليها الطبقة المتوسطة والبرجوازية البيضاء.

صنف فريدنريتش كأعظم لاعب على مر التاريخ من مؤسسة ناشيونال جيوجرافيك تقديرًا لما قدمه من جهود واسعة في خارطة الكرة المستديرة على بلاد السامبا حيث وصفه الكاتب الأورجوياني جاليانو بأنه اللاعب الوحيد الذي أسس الفنية البرازيلية الحديثة عبر تمزيقه للمناهج الإنجليزية القديمة وإنشاء الإستقلالية البرازيلية في كرة القدم.

Leave a comment