بيليه وقانون التسلل – الجهل لعنة تصيب المتعصبين – مقال خرافي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جمعة مباركة أعزائي


كاتبنا الهمام وجد له منبراً ليطلق فيه كتاباته
ويبدو أننا دائماً ما سنعاني من قلة إطلاع البعض
سواء كان الأمر على صعيد المنتديات هنا
أو حتى على الصعيد الإحترافي الصحفي

فبطل قصتنا اليوم صحفي عربي يدعى عبد العزيز الغيامة (وبصراحة أول مرة أسمع باسمه)
والصحيفة هي صحيفة الشرق الأوسط واسعة الإنتشار..
وهذا رابط المقال من الصفحة الرئيسية لموقع كووورة بعنوان (هل صدق بيليه أم هي الغيرة ؟!)
http://www.kooora.com/default.aspx?showarticle=66300

بصراحة لم أكن لأدخل على رابط المقال لولا وجود اسم الأسطورة الكروية الأعظم بيليه في العنوان
ودخلت ويا ليتني لم أدخل
فالأسلوب عادي جداً
والمعلومات مغلوطة..
وحتى العنوان لا يدل على محتوى المقال!!
وأكثر ما شدني هي هذه الفقرة:

 رأيي يقول إن كرة القدم الحالية وتحديدا منذ منتصف الثمانينات وحتى الآن مرت بالمزيد من التعقيدات الفنية لأسلوبها لتصبح { لعبا } أصعب من السابق، فأيام بيليه لم تكن الخطط الدفاعية أشرس وأعقد من الحالية ،وأظن ،إذا لم أخطئ أن قانون الكرة كلما تطور كلما زاد صعوبة على المهاجم تحديدا أو حتى على صانع الألعاب ويكفي أن (( قانون التسلل ))مثلا طور كثيرا عن ذي قبل ،وهو ما يعني أن من يسجل 500 هدف حاليا من أمثال ميسي، قادر على أن يكون أفضل من بيليه ومارادونا

كاتبنا الكريم يتحدث بما لا يعي
فهو يقول بأن قانون التسلل طُور كثيراً.. وهذا لم يجانب الصواب
لكن السؤال هنا: هل تم تطوير قانون التسلل ليساعد المهاجم أم المدافع؟؟؟
وهنا مربط الفرس..
لأن قانون التسلل تم تطويره لمساعدة المهاجمين على حساب المدافعين.. ولو كان قانون التسلل القديم يسري لكانت الكثير من أهداف اليوم تسلل!
قانون التسلل كان معقداً وشديد الصعوبة ويحكم بالموت على المهاجمين!

ولنعد للفقرة والتي استخدمها الكاتب ليقول بأن قانون التسلل لم يكن موجوداً على عهد بيليه ولا يعلم هذا الكاتب بأن قانون التسلل موجود من العام 1810!!
أي قبل مولد بيليه بمائة وثلاثين عاماً!!

ألا يعلم كاتبنا الهمام بأن:
قبل عام 1882 كان التسلل يسري على الركلة الركنية!!!!
وحتى عام 1907 كان التسلل يتم حسابه قبل منتصف الملعب (يعني يكون اللاعب متسلل حتى قبل أن يصل لمنتصف ملعب الخصم)!!!!!
وحتى عام 1910 كان الحكام يطلقون صافرتهم ويعطون ركلة حرة مباشرة لمجرد تواجد لاعب في التسلل (دون حتى استلامه للكرة)!!!!
وبعد ذلك خرج للنور في العام 1920 القانون رقم (6) الشهير والذي ينص على أنه لا يجوز إيقاف اللعب واحتساب التسلل إلا في حالة تداخل اللاعب المتسل في اللعبة أو مع الخصم…. يعني كان هناك عقوبة على وجود اللاعب في وضع التسلل حتى بدون كرة!!!

تصوروا أنه حتى ما قبل عام 1921 كان التسلل يسري على رمية التماس!!

ولأجعل الأمور تبدو واضحة لكم سأذكر قاعدة كروية تاريخية شهيرة جداً وهي قاعدة كامبريدج التاسعة للتسلل للعام 1856 تقول:
“إذا كانت الكرة قد اجتازت لاعب بعد أن جاءت من إتجاه مرمى فريقه فلا يجوز له أن يلمسها إلا بعد أن يلعبها لاعب من الفريق الخصم، أو يجوز له أن يلمسها في حال تواجد على الأقل 3 لاعبين من الخصم بينه وبين مرمى الخصم.. مع العلم أنه لا يسمح لأي لاعب أن يتسكع عند مرمى الخصم”!!!..
وهنا كان التشابه كبيراً بين تسلل كرة القدم والرجبي!
وحتى القوانين كان فيها تشابه
إذ أن قوانين كرة القدم آنذاك كانت تحدد الحالات التي يستطيع فها لاعب كرة القدم شد ودفع واحتضان لاعبي الخصم (هذا كان مسموحاً في كرة القدم آنذاك!!)

ويأتي كاتبنا الهمام ويمسح تاريخ كرة القدم حتى يرفع من شأن ميسي!!
ويأتي ليزيف تاريخ كرة القدم على هواه
والمصيبة أن ما كتبه يؤثر على كل من سيقرأ
خصوصاً لو أن القارئ ليس لديه خلفية عن قوانين كرة القدم وتطورها!
لذلك فقد ضل الكاتب وأضل!!!

ألا يعلم كاتبنا الكريم
بأن قانون التسلل شهد محطتين مهمتين في العهد الحديث
فقد شهد تعديلين مهمين عامي 1990 و 2005
بعدها أصبح هو القانون الحالي الذي نعرفه
والذي يعطي الأفضلية للمهاجم على المدافعين حتى نشاهد أهداف أكثر..

لندع قليلاً قانون التسلل ولنعد لقول الكاتب بأن قوانين كرة القدم تطورت
والحديث هنا لا يقتصر على قانون التسلل والذي أوجزنا في إيضاحه آنفاً
لكن الكاتب كان يقصد عموم القوانين الكروية..
ويهدف للقول بأنها كانت تساعد بيليه
ولست أدري كيف!!!
أفلا يعلم كاتبنا الهمام بأن الكروت الحمراء والصفراء لم تكن موجودة في عالم كرة القدم.. وقد دخلت في العصر الحديث لها.. بمعنى لم يكن هناك حماية للاعبين من العنف
ألا يعلم بأن التاريخ يذكر مباراة البرازيل ضد البرتغال في كأس العالم 1966 على أنها شهدت أكبر كمية عنف في تاريخ كرة القدم على لاعب واحد وهو بيليه!
حيث خرج بيليه مصاباً بعشرات الكدمات في كافة أنحاء جسده من جراء ضرب لاعبي البرتغال
وقد كان يطلب بعد كل ضربة أو ركلة أو لكمة الحماية من الحكم والذي لم يكن ينظر حتى إليه ولا يحميه لعدم وجود ما يسمى بالكروت الصفراء والحمراء!!
ومن المعروف أن هذه المباراة بالذات ألهمت الفيفا لتغيير قوانين الكرة فكان أول استخدام للكروت الصفراء والحمراء في البطولة التالية في المكسيك 1970..

نعود لبيليه ومباراة البرازيل والبرتغال والتي اضطر بيليه فيها لإكمال المباراة كاملة وهو يعرج وذلك لأن قانون كرة القدم لم يكن يسمح بالتبديلات!!!
فمن كان يبدأ المباراة كان ينهيها! (من المعروف أن كأس العالم 1970 كان أول بطولة في العالم تشهد السماح للفرق بالتبديلات وكان عددها تبديلين فقط!)
وبعد المباراة بكى بيليه بحسرة وبألم وقال أنه لن يلعب كرة القدم أبداً بسبب ما تعرض له من العنف!!
ولكن لأنه الأعظم والأقوى والأفضل عاد بعد ذلك وقاد أفضل كتيبة كروية في التاريخ لحصد أعظم مونديال في التاريخ في عام 1970!

من منكم رأى لاعب يتم شده ودفعه لدرجة تمزق سرواله (الشورت) ويدخل أحد أفراد طاقم سانتوس فريق بيليه ليعطيه شورت جديد ليرتديه
هذا حصل في الليبرتادوريس ضد نادي بوكا جونيورز الأرجنتيني!!

إذاً على ضوء ما أوضحته
كان التسلل ضد بيليه
لا حماية له إلا في أواخر مسيرته لعدم وجود الكروت الملونة!
لا وجود لتبديلات للاعبين في معظم فترات مسيرته بمعنى حتى ولو أصيب كان يضطر لإكمال المباريات!
لم يكن هناك تطور طبي كبير بل لم يكن هناك احتراف للطواقم الطبية!.. وتطور جراحي طبي
لم يكن هناك أنظمة تغذية.. ولا أخصائيي تدريبات ولياقة!!

فكيف كانت ظروفه أفضل من ظروف نجوم الثمانينات وظروف ميسي!!
ميسي والذي إن عطس يقوم الحكم بإيقاف المباراة وتدخل جحافل من الطواقم الطبية لتطمئن عليه!
ميسي والذي لو لمسته أو عبست في وجهه قد تنال بطاقة صفراء!
ميسي الذي كل تصاريح مدربه ورئيسه هي مطالبات للحكام بحمايته.. لست أدري هل هناك حماية أكبر!!.. ربما مستقبلاً سيبتكرون له كرة زجاجية طائرة مانعة للصوت والضوء والأشعة الكونية وغير قابلة للكسر حتى يجلس فيها طوال المباراة فلا يتعرض لأي نوع من أنواع الخطر!!!

اسمح لي يا كاتبنا الهمام
بيليه عظيم
ليس بسبب الألف هدف (والتي هي بالتحديد 1281 هدف)
بل بسبب أخلاقه
فنه
قيادته لفريق لم يسمع به أحد في العالم ليصبح الأفضل في العالم والأشهر
بسبب تميزه وتفانيه في كل مباراة سواء ودية أو رسمية.. محلية أو دولية!
عظيم لأن لديه 3 تتويجات في كأس العالم أولها كان عمره لم يتجاوز السابعة عشر (يعني أصغر من ميسي الحالي بخمس سنوات.. فكيف سيتأتى لميسي أن يتفوق عليه!!!!!!!!)
عظمة بيليه هي جلوسه على القمة 12 عاماً متتالياً دون منازع (1958-1970)
في حين الباقين يتألقون عاماً أو عامين أو خمسة على أقصى تقدير!
بيليه لم يكن على أيامه إعلام ولكنه كان الأشهر في العالم
بيليه كان راتبه فتات!
بيليه كان ملهم الملايين..
فالبرازيل قبله لم يكن أحد سمع بها!! كانت كأقل الدول في العالم فلا هي غنية ولا قوية عسكرياً ولا رياضياً.. وبعد أن خرج هذا العملاق الخرافي غير القابل للوصف تربعت البرازيل على القمة فهي في مركز الضوء وستظل بسببه هو لا غيره!
فمرادف كرة القدم هو البرازيل ولا غيرها بسبب ابنها البار بيليه!
بيليه الذي كان عمره ثمان سنوات عندما شاهد والده يبكي على خسارة البرازيل لنهائي كأس العالم 1950.. ذهب لوالده وفرد قامته الصغيرة الضئيلة وشد عوده الغض الطري وقال له: “لا تحزن يا والدي.. فسأفوز يوماً ما بكأس العالم”.. وفعلها 3 مرات!!

الجميل بأن كل لاعب يأتي يحاولون مقارنته به
هو الثابت والبقية متغيرون
لم يتم فقط اختياره كأعظم لاعب كرة في التاريخ
بل تم اختياره كأفضل رياضي في التاريخ من العديد من المؤسسات (والثاني بعد محمد علي كلاي في اختيارات اللجنة الأوليمبية الدولية!)
ومؤخراً تم وضعه في قائمة أكثر المؤثرين في تاريخ البشرية جنباً إلى جنب مع العظماء والعلماء والقادة السياسيين والعسكرين والآثار الخالدة التاريخية.. والجميل أنه يتربع لوحده هناك دون مضايقة أي قزم آخر من أقزام كرة القدم!!

بيليه ليس لاعب كرة قدم!!!
لأن لاعب كرة القدم سيكون هناك من هو أميز منه أو أشهر منه
بيليه هو نموذج
هو أسلوب حياة
هو قدوة
هو معلم
هو أمثولة
هو الأصل ومن أتى بعده سيتبعه شاء أم أبى
فكما هو آينشتاين الأذكى والأميز بين العلماء مهما اكتشفوا ومهما اخترعوا
فبيليه هو أمثولة كرة القدم كان وسيظل حتى يرث الله الأرض ومن عليها

يا كاتبنا الهمام
هل سمعت عن لاعب كرة أوقف حرب أهلية عندما عجزت الأمم المتحدة عن فعل ذلك!!
نعم هذا حدث
فقد كانت هناك حرب أهلية مستعرة في نيجيريا عرفت بحرب بيافران!..
وكان الجرحى والقتلى يتساقطون كالمطر
والدول المجاورة لنيجيريا تستقبل آلاف اللاجئين الفارين من الحرب
حاولت الأمم المتحدة أن تقنع الأطراف بعمل هدنة حتى يتم تقييم الأمور ومساعدة من يحتاج لمساعدة
والجميع رفض..
حتى تم إعلان أن الملك الأوحد.. الأعظم.. الأكثر انسانية.. سيزور البلاد ليلعب مباراة كرة قدم هناك في العاصمة لاغوس!
وهنا سارعت كل الأطراف المتنازعة لعقد هدنة لمدة ثلاثة أيام متتالية.. وأصبحت البلاد تعيش بهدوء خرافي جداً
وأتى الملك ولعب مباراة رائعة شاهدها الجميع.. وتم حمله على الأعناق والتحم مع أبناء القارة السمراء..
وما زالت شوارع لاغوس ليومنا هذا تحوي جدرانها رسومات تخلد زيارة الملك الأوحد!
الملك الذي أجبر الحرب على أن تضع أوزراها
فعل ما لم تستطع دول أن تفعله
بتواضعه وسحره وابتسامته الجميلة.. وفنه الراقي..
بشجاعته اللامتناهية
وبحبه للخير وللسلام!..
نعم أوقف هذا الخرافي الحرب!
ليشاهد المتحاربون إبداع الملك
بدلاً من رؤيتهم للرصاص والموت والدماء
أي عظمةٍ هذه!!

يا كاتبنا الهمام
بيليه أعظم من الكرة نفسها
فكيف لك أن تفاضل بينه وبين صغير قادم للمجهول.. قد يكون ما نراه آخر ابداعاته
وحتى ولو استمر
فهو امتداد لما فعله الملك الأول
لأن الملك كانت له الريادة
ومن يأتي خلفه مهما علا شأنه فهو يمشي في طريق مهدها له من كان أول لاعب كرة قدم حقيقي عبر تاريخ كرة القدم!

في النهاية لا أقول إلا
عذراً منك يا سيد الكرة
عذراً منك يا عظيم الملاعب
عذراً منك فإنهم ينسون أحياناً.. ويجهلون أحايين!
قاتل الله الجهل!!

ودمتم عشاقاً لكرة القدم

Leave a comment